متى تسقط قضايا القروض في مصر؟ قراءة قانونية واعتبارات أخلاقية
متى تسقط قضايا القروض في مصر؟ هذا السؤال يتردد بإلحاح على ألسنة عدد كبير من المتعثرين في السداد، وفي أذهان من يردد بقلق: البنك رفع قضية ضدي بسبب تعثر سداد القرض ولا أعرف هل ستنتهي هذه المعاناة بالتقادم أم ستظل تطاردني إلى أجل لا أعلمه. كما يتساءل كثير من أصحاب الأعمال والأفراد عن الآثار الجنائية والمدنية والمالية لسقوط الدعاوى أو الأحكام: هل يكفي سقوط القضية؟ أم أن هناك آثاراً أخرى تستمر حتى بعد سقوط الأحكام؟
هذا المقال يقدم قراءة متكاملة لسؤال: متى تسقط قضايا القروض في مصر؟ من الزاويتين القانونية والعملية، مع بيان أوضاع المتعثرين في السداد، والفروق بين سقوط الدعوى الجنائية، وسقوط العقوبة، وتقادم المطالبة المدنية، وتقادم تنفيذ الأحكام، ثم يوضح لماذا لا ينبغي أن يُفهم سقوط التقادم بوصفه مبرراً للتنصل الأخلاقي من سداد الدَّين، وما هو دور محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر في إدارة هذه الملفات المعقدة.

قبل أن تقرأ باقي المقال، إذا كنت تتعرض لأي نزاع قضائي مع جهات تمويل أو كنت تخشى احتمالية التعثر فيمكنك التواصل مع فريقنا من المستشارين القانونيين والماليين المحترفين! اترك بيانات التواصل وسنقوم بالتواصل معك في خلال 24 ساعة!
أولاً: ما المقصود بقضايا القروض في القانون المصري؟
قبل أن نسأل عن سقوط قضايا القروض، ينبغي أن ندرك أن هذا التعبير ليس مصطلحاً قانونياً دقيقاً، بل هو تعبير شائع يشمل عدداً من المنازعات المختلفة التي تنشأ عن عقد القرض أو عن ضماناته، وأهمها:
- القضايا الجنائية المرتبطة بضمانات السداد، مثل:
- قضايا الشيكات بدون رصيد.
- قضايا إيصالات الأمانة وما في حكمها.
- الدعاوى المدنية أو التجارية المباشرة على عقد القرض للمطالبة بأصل المبلغ أو الفوائد أو التعويض عن التأخير في السداد.
- إجراءات التنفيذ على أموال المدين بعد صدور أحكام نهائية لصالح البنوك أو الدائنين.
إذن عندما نتحدث عن سقوط قضايا القروض، فإننا نتحدث في الحقيقة عن مواعيد تقادم مختلفة، تتعلق أحياناً بالدعوى الجنائية، وأحياناً بالدعوى المدنية أو التجارية، وأحياناً بالحق في تنفيذ الحكم. وهذه التركيبة المعقدة تجعل من الضروري أن يستشير جمهور المتعثرين في السداد شخصا مثل محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر قبل أن يبنوا قراراتهم على انطباعات عامة أو تجارب شخصية لغيرهم.
ثانياً: عن المتعثرين في السداد وقضايا الشيكات وإيصالات الأمانة
في عدد كبير من حالات القروض، ولا سيما القروض الاستهلاكية وقروض المشروعات الصغيرة، يشترط الدائن – بنكاً كان أو شركة تمويل أو حتى شخصاً طبيعياً – على المدين التوقيع على شيكات أو إيصالات أمانة لضمان السداد. ومع حدوث التعثر، يتحول ملف المتعثرين في السداد إلى مسار جنائي، ويصبح العنوان المقلق: البنك رفع قضية ضدي بسبب تعثر سداد القرض بناءً على شيك أو إيصال أمانة.
القاعدة العامة في قانون الإجراءات الجنائية أن الدعوى الجنائية في الجنح – ومنها غالباً جرائم الشيك وإيصال الأمانة – تنقضي بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة، ما لم تُقطع هذه المدة بإجراء صحيح من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة. أي أن:
- تحرير محضر عن شيك بدون رصيد.
- استدعاء المتهم وسماع أقواله.
- إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة.
- انعقاد جلسة أو صدور حكم ولو غيابياً.
كل هذه إجراءات تقطع التقادم (على خلاف في بعضها)، وتُعيد بدء حساب مدة الثلاث سنوات من جديد. ولهذا فإن الاكتفاء بسؤال متى تسقط قضايا القروض جنائياً دون متابعة حقيقية لموقف الدعوى قد يكون مضلِّلاً لكثير من المتعثرين في السداد، لأن مجرد تحريك الملف الجنائي بشكل صحيح يمنع سقوط الدعوى بالتقادم لسنوات إضافية.
ثالثاً: سقوط العقوبة الجنائية في قضايا القروض
إذا صدر حكم جنائي نهائي ضد المدين في جريمة شيك أو إيصال أمانة، فإن السؤال يتحول من متى تسقط قضايا القروض من حيث إمكانية رفع الدعوى، إلى: متى تسقط العقوبة المحكوم بها؟
القانون يميز هنا بين أمرين:
- انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم قبل أن يصدر حكم نهائي.
- وسقوط العقوبة بالتقادم بعد أن يصبح الحكم نهائياً واجب النفاذ.
في الجنح، تسقط العقوبة – كالحبس أو الغرامة – بمضي خمس سنوات من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً، إذا لم تُنفَّذ العقوبة ولم يُتخذ إجراء جدي في سبيل تنفيذها طوال هذه المدة. وقد يكون ذلك دفاعاً جوهرياً في يد بعض المتعثرين في السداد الذين صدر ضدهم حكم قديم في جنحة شيك أو إيصال، ثم ظل الحكم دون تنفيذ فعلي لسنوات طويلة.
ومع ذلك، فإن سقوط العقوبة الجنائية لا يعني بالضرورة سقوط الالتزام المدني أو التجاري المرتبط بالقرض، ولا يعني تلقائياً أن الإجابة عن متى تسقط قضايا القروض قد أصبحت في صالح المدين من جميع الوجوه؛ إذ يبقى الباب المدني أو التجاري مفتوحاً للمطالبة بالدين ما دامت مواعيد التقادم المدني أو التجاري لم تنقضِ.

رابعاً: الدعاوى المدنية والتجارية المباشرة على القرض (واختلاف مدد التقادم)
عند الحديث عن متى تسقط قضايا القروض من الناحية المدنية، لا يكفي أن نقول إن جميع الديون تتقادم بعد خمس عشرة سنة؛ فهذا تبسيط مخلّ، لأن الديون المدنية نفسها تختلف، ولأن الديون التجارية لها نظام تقادم مستقل في قانون التجارة. وهنا تظهر أهمية أن يدرس محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر تفاصيل كل حالة على حدة، خاصة حين يكون المدين من المتعثرين في السداد ويريد أن يعرف بدقة متى تسقط قضايا القروض المرفوعة ضده.
ففي القانون المدني، القاعدة العامة أن الالتزامات التعاقدية تتقادم بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ استحقاق الحق، وذلك في الديون المدنية التي لا تخضع لنص خاص. لكن هناك فئات واسعة من الحقوق تتقادم في مدد أقصر؛ فهناك الحقوق الدورية والمتكررة مثل الإيجارات والأجور والفوائد الدورية على القروض، وهذه تتقادم في الغالب بمضي خمس سنوات. كما أن بعض حقوق المهنيين، كالأطباء والمحامين والمهندسين، تتقادم أيضاً في مدد أقصر بنصوص خاصة. بل إن القانون يقرر في حالات معينة تقادماً سنوياً لبعض المطالبات مثل بعض المعاملات التجارية البسيطة أو خدمات الفنادق ونحوها.
أما إذا كان القرض ذا طبيعة تجارية، كأن يكون تمويلاً ممنوحاً لشركة تمارس نشاطاً تجارياً بحتاً، أو تسهيلات ائتمانية بين تجار، فإننا ننتقل من نطاق القانون المدني إلى نطاق قانون التجارة. وهنا لا يكون السؤال متى تسقط قضايا القروض إجابة واحدة، بل تختلف المدة بحسب طبيعة الالتزام؛ فكثير من الالتزامات التجارية بين التجار تخضع لتقادم أقصر، يصل في حالات كثيرة إلى سبع سنوات من تاريخ استحقاق الدين، إلى جانب استمرار خضوع الفوائد الدورية والأقساط المتكررة لتقادمها الخاص.
لهذا قد يجد المدين نفسه في وضع معقَّد: البنك رفع قضية ضدي بسبب تعثر سداد القرض، بينما جزء من المطالبة يتعلق بأصل القرض، وجزء آخر يتعلق بالفوائد الدورية أو العمولات أو المصاريف البنكية، ولكل منها مدة تقادم قد تختلف عن الأخرى. وهنا تظهر أهمية اللجوء إلى محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر ليفحص نوع القرض، وطبيعة الأطراف (هل هم تجار أم لا)، ونوع الدين المطالب به (أصل القرض أم فوائده)، ثم يطبّق على ذلك كله القواعد المختلفة لتحديد متى تسقط قضايا القروض مدنياً أو تجارياً، وكيف يمكن للمتعثرين في السداد أن يستفيدوا من الدفع بالتقادم في حدود ما يتيحه القانون.
خامساً: تقادم تنفيذ الأحكام المدنية والتجارية في قضايا القروض
أحياناً تصل المنازعات بين البنوك والمدينين إلى صدور أحكام نهائية تلزم المتعثرين في السداد بمبالغ القرض والفوائد والتعويضات. وعند هذه النقطة يتغير السؤال من متى تسقط قضايا القروض من حيث رفع الدعوى، إلى: متى يسقط الحق في تنفيذ الحكم؟
المستقر في القانون المصري أن الحق في تنفيذ الأحكام المدنية والتجارية يتقادم – كأصل عام – بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً، ما لم يُتخذ إجراء من إجراءات التنفيذ يقطع هذه المدة. أي أن الحكم لا يبقى صالحاً للتنفيذ الجبري إلى الأبد؛ فإذا تُرك ملف التنفيذ خاملاً دون حجز أو تنبيه أو إجراءات جدية طوال هذه المدة، جاز للمدين أن يتمسك بسقوط الحق في التنفيذ بالتقادم، فيفقد الحكم صفته كسند تنفيذي وإن ظل قائماً كسند كتابي يثبت به أصل الحق تاريخياً.
وهنا أيضاً يتجلى تعقيد الإجابة عن متى تسقط قضايا القروض؛ فهناك فرق بين سقوط الدعوى الأصلية، وسقوط العقوبة الجنائية، وسقوط الحق في التنفيذ على الحكم المدني أو التجاري. لذلك فإن تقييم الموقف بدقة، في حالات يقول فيها المدين: البنك رفع قضية ضدي بسبب تعثر سداد القرض منذ سنوات طويلة، يحتاج إلى مراجعة ملف التنفيذ والإجراءات التي تمت فيه، والاستعانة بمحامي متخصص في قضايا البنوك في مصر يتابع التفاصيل الزمنية والإجرائية بدقة.
سادساً: الحقوق لا تسقط بالتقادم شرعاً وأخلاقاً
على الرغم من الأهمية البالغة لمعرفة متى تسقط قضايا القروض قانوناً، فإن الحقيقة الأعمق أن الحقوق لا تسقط بالتقادم من حيث المسؤولية الشرعية والأخلاقية. فالدَّين الذي ثبت في ذمة الإنسان يظل قائماً في الضمير والوجدان، حتى لو سقط حق الدائن في المطالبة القضائية به، أو سقط السند التنفيذي الذي يُمكِّنه من استعمال القوة الجبرية للدولة لتحصيل حقه.
قد يسقط بالتقادم:
- حق رفع الدعوى للمطالبة بالدَّين.
- أو حق تنفيذ الحكم الذي يثبت الدَّين.
لكن أصل الدَّين نفسه لا يسقط شرعاً وأخلاقاً ما دام المدين قادراً على الوفاء أو جزء منه. ومن ثم، فإن من يسأل متى تسقط قضايا القروض لا ينبغي أن ينظر إلى التقادم بوصفه باباً للهروب من الحقوق، بل بوصفه نظاماً قانونياً لتنظيم التقاضي، بينما يظل الواجب الأخلاقي والشرعي في سداد الديون قائماً ما بقيت القدرة على الوفاء.
ولهذا يُستحسن دائماً أن يسعى كل المتعثرين في السداد إلى التسويات الودية مع الدائنين متى كانت متاحة، لا سيما إذا كان الدائن بنكاً؛ إذ إن أموال البنوك مرتبطة بودائع عملاء وحقوق مساهمين، ولها في جانب كبير منها حرمة المال العام. كما أن التسوية الودية تمثل مخرجاً عملياً للمدين الذي يسعى إلى تصفية التزاماته بصورة تحفظ له سمعته المالية وقدرته على التعامل في المستقبل.
وفوق ذلك، فإن سقوط الدعوى أو سقوط السند التنفيذي لا يمحو بالضرورة الآثار الائتمانية؛ فكثيراً ما يبقى اسم المدين في القوائم السلبية لدى البنك المركزي وجهات المعلومات الائتمانية، مما يحرمه من الوصول إلى التمويل المصرفي وغير المصرفي إلى الأبد، إلا أن يقوم بتسوية رضائية مع البنك ولو بعد عقود. وهذا يعني أن الاقتصار على سؤال متى تسقط قضايا القروض دون النظر إلى أثرها على السجل الائتماني قد يوقع كثيرا من المتعثرين في السداد في أوهام خطرة، وأن التسوية الودية مع البنوك والدائنين تبقى طريقاً واجباً أخلاقياً وعملياً في آن واحد.
سابعاً: عن المتعثرين في السداد المستفيدين من هذه الأحكام؟
يتعلق سؤال متى تسقط قضايا القروض بعدة فئات من المتعاملين مع البنوك وشركات التمويل، وبالأخص المتعثرين في السداد من:
- أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذين تعرضوا لهزات في التدفقات النقدية أو ظروف اقتصادية طارئة.
- الأفراد الذين أثقلت كواهلهم القروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان والالتزامات المتراكمة.
- الشركات التي واجهت تغيرات حادة في الأسواق أو في أسعار الصرف أو في تكاليف التمويل، فأصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها في مواعيدها.
هؤلاء جميعاً قد يفيقون على حقيقة مؤلمة ويصرخون بأصوات متعددة: “البنك رفع قضية ضدي بسبب تعثر سداد القرض”، وأن الملف يتضمن شقاً جنائياً بالشيكات أو إيصالات الأمانة، وشقاً مدنياً أو تجارياً بالعقود والأحكام، وشقاً تنفيذياً بالحجوزات والإجراءات. وفي مثل هذه الحالات لا يكون سؤال متى تسقط قضايا القروض سؤالاً نظرياً، بل يصبح مدخلاً عملياً لإعادة ترتيب المديونيات، وإبرام التسويات، وإغلاق الملفات المفتوحة على أسس قانونية سليمة.
ثامناً: دور محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر
وسط هذا التشابك بين الجنائي والمدني والتجاري والتنفيذي، لا يُنصح بأن يواجه المدين أو الدائن هذه الملفات وحده، بل يحتاج كل طرف إلى محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر، لديه خبرة عملية في التعامل مع المتعثرين في السداد ومعارف تفصيلية بأنظمة التقادم وتنفيذ الأحكام.
دور هذا المحامي لا يقتصر على حضور الجلسات، بل يشمل:
- تشخيص الموقف القانوني بدقة:
هل النزاع الحالي جنائي بسبب الشيكات وإيصالات الأمانة، أم مدني بسبب عقد القرض، أم تجاري بسبب معاملات بين تجار، أم تنفيذي بسبب حكم قديم؟ وهل الإجابة الواقعية عن متى تسقط قضايا القروض في هذا الملف لصالح المدين أم لصالح الدائن؟ - إدارة مواعيد التقادم:
مراجعة تواريخ تحرير الشيكات، وتواريخ وقوع الجريمة، وتواريخ رفع الدعاوى، وتواريخ صدور الأحكام النهائية، وآخر إجراءات التنفيذ؛ وذلك لتحديد ما إذا كان من الممكن الدفع بانقضاء الدعوى أو سقوط العقوبة أو سقوط الحق في التنفيذ بالتقادم، وكيف ينعكس ذلك على مركز المتعثرين في السداد. - إدارة التسويات وإعادة الهيكلة:
قد يكون الخيار الأكثر واقعية لصالح المتعثرين في السداد هو إعادة هيكلة المديونية، أو الاتفاق على تخفيض جزء من الفوائد أو الغرامات في مقابل سداد جاد لبقية الدين. وهنا يتجلى دور محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر في التفاوض المتوازن الذي يحمي حق البنك، وفي الوقت نفسه يخرج المدين من دائرة التعثر المزمن، ويغلق ملفات قضايا القروض بالتفاهم لا بالمواجهة فقط. - استخدام التقادم كوسيلة دفاع مشروعة عند اللزوم:
إذا تبين من دراسة الملف أن مدد التقادم في الشق الجنائي أو المدني أو التنفيذي قد انقضت، يصبح الدفع بالتقادم حقاً أصيلاً من حقوق المدين، وعلى المحامي أن يصوغه قانونياً في التوقيت المناسب. لكن حتى في هذه الحالة ينبغي ألا يُغفل البعد الأخلاقي والعملي لمسألة سداد الحقوق، كما سبقت الإشارة في سياق مسألة سقوط قضايا القروض من زاوية شرعية وأخلاقية.
تاسعاً: خاتمة – متى تسقط قضايا القروض بين القانون والضمير والواقع الاقتصادي

في نهاية المطاف، يظل سؤال متى تسقط قضايا القروض سؤالاً مشروعاً ومهماً لكل من يمر بتجربة التعثر أو يتعامل مع المتعثرين في السداد. لكن الإجابة عنه ليست رقماً واحداً أو زمناً واحداً؛ فهي تتوزع بين ثلاث سنوات لانقضاء بعض الدعاوى الجنائية، وخمس سنوات لسقوط بعض العقوبات، وخمس سنوات أو سبعاً أو خمس عشرة سنة لتقادم أنواع مختلفة من الديون المدنية والتجارية وحقوق التنفيذ على الأحكام.
ومع ذلك، فإن الصورة لا تكتمل بالجانب القانوني وحده؛ لأن الحقوق لا تسقط بالتقادم من حيث المسؤولية الأخلاقية والشرعية، ولأن بقاء اسم المدين في القوائم السلبية وحرمانه من التمويل المصرفي وغير المصرفي قد يستمر حتى يجري تسوية جادة مع دائنيه. لذلك فإن التعامل الرشيد مع سؤال متى تسقط قضايا القروض يقتضي الجمع بين فهم النصوص القانونية، واستحضار صوت الضمير، وقراءة الواقع الاقتصادي والائتماني، ثم اتخاذ القرار بمساعدة محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر يملك رؤية متوازنة لمصالح جميع الأطراف.
بهذا المعنى، لا يكون سؤال سقوط قضايا القروض باباً للبحث عن مهرب، بقدر ما يكون نقطة انطلاق لإدارة علمية وواعية للمديونيات، تحفظ هيبة القانون، وتراعي حقوق البنوك والدائنين، وتمنح المتعثرين في السداد فرصة حقيقية للعودة إلى مسار مالي صحّي ومستقر.
الأسئلة الشائعة حول متى تسقط قضايا القروض في مصر
1. متى تسقط قضايا القروض في مصر؟
تسقط قضايا القروض في مصر بحسب نوع الدعوى وليس برقم واحد ثابت؛ ففي الجنح المرتبطة بالشيكات وإيصالات الأمانة تنقضي الدعوى الجنائية عادة بمضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة ما لم تُقطع هذه المدة بإجراءات صحيحة، وتسقط العقوبة بعد الحكم النهائي في الجنح بمضي خمس سنوات إذا لم تُنفَّذ. أما من ناحية الدعاوى المدنية أو التجارية للمطالبة بالقرض، فإن الأصل في كثير من الحالات أن تتقادم المطالبة بأصل الدين بعد خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق، مع وجود مدد أقصر لبعض الديون الدورية أو الديون التجارية، بينما يتقادم الحق في تنفيذ الأحكام المدنية والتجارية غالباً بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً إذا لم تُتخذ إجراءات تنفيذ تقطع التقادم. لذلك فإن سؤال متى تسقط قضايا القروض في مصر يجب أن يُجاب عنه في ضوء نوع القرض ونوع الدعوى وطبيعة إجراءات التنفيذ في كل حالة من حالات المتعثرين في السداد.
2. ما هي عقوبة عدم تسديد القرض في مصر؟
لا توجد في القانون عقوبة حبس لمجرد عدم تسديد القرض في ذاته، ولكن العقوبة ترتبط بالوسائل والضمانات المستخدمة، مثل الشيكات وإيصالات الأمانة والتصرفات الاحتيالية. ففي كثير من حالات المتعثرين في السداد يكون البنك قد حصل على شيكات أو إيصالات أمانة، وهنا قد يترتب على عدم السداد قيام جنح شيك بدون رصيد أو خيانة أمانة يعاقب عليها بالحبس أو الغرامة أو بهما معاً وفقاً لتقدير المحكمة. كما يمكن أن يلجأ البنك أو الدائن إلى الحجز على الأموال والمنقولات والعقارات وفقاً لأحكام قانون المرافعات إذا صدر حكم مدني أو تجاري بالدين. لذلك فإن عقوبة عدم تسديد القرض في مصر ليست عقوبة واحدة ثابتة، بل تختلف بحسب نوع الضمانات والاتفاقات، وهو ما يستدعي استشارة محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر لتقييم المخاطر القانونية في كل ملف.
3. متى يسقط القرض الشخصي في مصر؟
يسقط القرض الشخصي في مصر من الناحية القانونية عن طريق تقادم الحق في المطالبة أو تقادم تنفيذ الحكم، وليس بمعنى اختفاء الدين من ذمة المدين شرعاً أو أخلاقاً. فمن حيث الأصل، تتقادم المطالبة المدنية بأصل القرض الشخصي في كثير من الحالات بعد خمس عشرة سنة من تاريخ استحقاق الدين ما لم يرد نص خاص أو ينقطع التقادم برفع دعوى أو بإقرار من المدين أو بإجراء قانوني آخر، بينما تخضع الفوائد الدورية والأقساط المتكررة غالباً لتقادم أقصر قد يكون خمس سنوات. وإذا صدر حكم نهائي ضد المدين، فإن الحق في التنفيذ الجبري على هذا الحكم يتقادم عادة بعد خمس عشرة سنة من تاريخ صيرورته نهائياً إذا لم تُتخذ إجراءات تنفيذ تقطع هذه المدة. ومع ذلك، فإن المتعثرين في السداد يظلون عملياً تحت أثر القرض الشخصي في سجلات البنوك والبنك المركزي حتى تتم تسوية أو سداد ولو جزئي، ولا يكفي سقوط المطالبة بالتقادم لتصحيح الموقف الائتماني، مما يجعل التسوية الودية في كثير من الأحيان خياراً عملياً أفضل من انتظار متى تسقط قضايا القروض نظرياً.
4. ماذا أفعل إذا البنك رفع قضية ضدي بسبب تعثر سداد القرض؟
إذا وكان حالك هو أن “البنك رفع قضية ضدي بسبب تعثر سداد القرض”، فالمهم ألا تتجاهل الأمر أو تؤجله؛ لأن أخطر ما يمكن أن يفعله المتعثرين في السداد هو ترك القضايا تسير دون متابعة حتى تصدر أحكام غيابية أو تتخذ إجراءات تنفيذية مؤثرة. الخطوة الأولى هي الحصول على صورة رسمية من أوراق الدعوى أو ملف التنفيذ لمعرفة نوع القضية: هل هي جنحة شيك أو إيصال أمانة، أم دعوى مدنية أو تجارية على عقد القرض، أم إجراءات حجز وتنفيذ على حكم قائم. الخطوة الثانية أن تتواصل مع محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر لديه خبرة عملية في ملفات المتعثرين في السداد، ليقيّم إمكانات الدفاع مثل الدفع بالتقادم أو ببطلان بعض الإجراءات، وفي الوقت نفسه يفتح باب التسوية مع البنك إذا كان ذلك ممكناً. كثيراً ما يكون الحل الأمثل مزيجاً بين الدفاع القانوني المشروع وبين التفاوض على تسوية تعيد هيكلة الدين وتغلق ملف القضية، بدلاً من الاعتماد فقط على انتظار متى تسقط قضايا القروض بمرور الزمن.