Skip to content

الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر: النشأة والاختصاص وعلاقتها بالبنك المركزي

admin

الهيئة العامة للرقابة المالية تشرف على كل ما هو غير مصرفي (أسواق المال، التأمين، التمويل العقاري، التأجير/التخصيم، التمويل الاستهلاكي/المتناهي…)، وتنظيم الابتكار المالي غير المصرفي (FinTech) وفق قانون 5/2022.أما البنك المركزي فيختص بالتمويل المصرفي والإشراف على البنوك وتحديد سعر الفائدة وضبط السياسة النقدية للدولة.

تُمثِّل الهيئة العامة للرقابة المالية المنظِّم الموحَّد للقطاع المالي غير المصرفي في مصر، بينما يختص البنك المركزي المصري بالقطاع المصرفي وسياسة النقد وأنظمة وخدمات الدفع. هذا المقال يقدّم معالجة شاملة مدعومة بالمواد القانونية والقرارات الحديثة، مع شرحٍ تقني لمفاهيم KYC وPSOs/PSPs، وبيان كيف تنتقل آثار سعر الفائدة الذي يحدده البنك المركزي إلى شركات التأجير التمويلي والتخصيم وغيرها من الكيانات الخاضعة للهيئة.


1) متى أُنشئت الهيئة وما هو إطارها القانوني؟

أُنشئت الهيئة بالقانون رقم 10 لسنة 2009 كمنظّم موحّد للأنشطة والأسواق المالية غير المصرفية، وأُنيط بها دمج اختصاصات هيئات سابقة والإشراف على مختلف الأدوات غير المصرفية. كما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 192 لسنة 2009 بتنظيم مباشرة الهيئة لاختصاصاتها.

ولاحقًا، تعزّز دور الهيئة على مسار التحوّل الرقمي بإصدار قانون رقم 5 لسنة 2022 بشأن تنظيم وتطوير استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة غير المصرفية، وتفعيل لائحته التنفيذية وقرارات مكملة، وصولًا إلى إطلاق البيئة الرقابية التجريبية (Sandbox) للقطاع غير المصرفي.


2) ما الذي تُشرف عليه الهيئة؟

تختص الهيئة بجميع الأنشطة غير المصرفية، وأبرزها:

  • سوق رأس المال وفق قانون 95 لسنة 1992 (تنظيم البورصات والأوراق المالية والصناديق).
  • التمويل العقاري وفق قانون 148 لسنة 2001.
  • التأجير التمويلي والتخصيم وفق قانون 176 لسنة 2018 (ينظم التراخيص والملاءة والتشغيل).
  • التمويل متناهي الصغر وفق قانون 141 لسنة 2014 وتعديله قانون 201 لسنة 2020 لتوسيع النطاق ليشمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
  • التمويل الاستهلاكي وفق قانون 18 لسنة 2020.

كما تؤكد أدلة تنظيمية حديثة أن كل نشاط غير مصرفي له قانون خاص ولائحة تنفيذية تحت رقابة الهيئة، ضمن إطار حوكمة وإفصاح وترخيص وإنفاذ.


3) صلاحيات الهيئة وأدواتها الرقابية

تعمل الهيئة عبر حزمة أدوات تشمل: الترخيص والاعتماد، التفتيش المكتبي والميداني، قرارات الإنفاذ (إيقاف/إلغاء ترخيص/تصويب)، وتنمية الأسواق عبر قواعد الصناديق والتوريق والابتكار المالي. ويظهر التطبيق العملي للصلاحيات في قرارات حديثة بحظر ممارسات غير ملتزمة في قطاعات التمويل العقاري والتأجير/التخصيم، استنادًا إلى مواد قانون 10/2009.

4) ما هو اختصاص البنك المركزي المصري؟

يحكم البنك المركزي المصري القانون رقم 194 لسنة 2020، وهو يُنظم الترخيص والرقابة على البنوك، والسياسة النقدية، وحوكمة المخاطر، إضافة إلى الإشراف على أنظمة وخدمات الدفع ومقدّميها.

PSOs وPSPs: التعريف والاختصاص

  • مشغِّل نظام دفع (PSO): جهة مرخَّصة لتشغيل بنية أو شبكة دفع.
  • مقدِّم خدمات دفع (PSP): جهة مرخَّصة لتقديم خدمات الدفع (إصدار/إرسال/استقبال/تنفيذ أوامر الدفع، إدارة أدوات وإلكترونية، معلومات الحساب،… إلخ).
    ينظّم البنك المركزي ترخيصهما وقواعد عملهما ضمن إطار الإشراف على أنظمة وخدمات الدفع، وقد أصدر قواعد ترخيص وتسجيل محدثة في 2025.

الخلاصة: PSOs/PSPs يخضعون لرقابة البنك المركزي المصري، بينما تخضع شركات التمويل غير المصرفي (التأجير، التخصيم، التمويل الاستهلاكي، …) لرقابة الهيئة العامة للرقابة المالية.


5) KYC: ماذا تعني وكيف تُطبق؟

اعرف عميلك (KYC) هي مجموعة قواعد للتحقق من الهوية، وفهم الغرض من العلاقة، ومراقبة المعاملات؛ وتعد ركيزة أساسية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT).

  • لدى البنك المركزي إطار امتثال يتضمن قواعد KYC، والاحتفاظ بالبيانات والإبلاغ عن العمليات المشبوهة، والتدريب، ضمن سياسات الامتثال والحوكمة في البنوك. كما أصدر تعليمات KYC مبسّطة لدعم الشمول المالي.
  • وخلال جائحة 2020، سمح البنك المركزي مؤقتًا بتفعيل e‑KYC لعملاء المحافظ الإلكترونية عبر وسائل تحقق إلكترونية، ما عزّز الرقمنة.
  • في القطاع غير المصرفي، كبَّل قانون 5/2022 ولوائحُه استخدام التكنولوجيا المالية بضوابط تحقق وحماية بيانات تُحدّدها الهيئة (بما في ذلك التحقق الرقمي والعقود الإلكترونية)، مما يُيسّر التحقّق الرقمي لدى شركات التمويل الخاضعة للهيئة مع الالتزام بمنظومة AML/CFT الوطنية.

6) الفارق الجوهري بين الهيئة والبنك المركزي

الموضوع:

  • الهيئة: كل ما هو غير مصرفي (أسواق المال، التأمين، التمويل العقاري، التأجير/التخصيم، التمويل الاستهلاكي/المتناهي…)، وتنظيم الابتكار المالي غير المصرفي (FinTech) وفق قانون 5/2022.
  • البنك المركزي: المصرفي والمدفوعات (البنوك، أنظمة وخدمات الدفع، السياسة النقدية).

الهدف:

  • الهيئة: حماية المتعاملين وتنمية وكفاءة الأسواق غير المصرفية.
  • البنك المركزي: الاستقرار النقدي وسلامة الجهاز المصرفي وكفاءة البنية الوطنية للدفع.

الأدوات:

  • الهيئة: ترخيص شركات غير مصرفية، قواعد الملاءة والحوكمة والإفصاح، تفتيش وإنفاذ، إطار ابتكار وساندبوكس. لبنك المركزي: رقابة احترازية على البنوك، ترخيص PSOs/PSPs، ومعايير المدفوعات، وإدارة نظام الكوريدور لسعر الفائدة بين سعري الإيداع والإقراض لليلة واحدة.

7) بروتوكولات وآليات التعاون

التقاطع الطبيعي بين العالمين (الدفع الرقمي، الهوية الرقمية، الشمول المالي) يقتضي تنسيقًا مؤسسيًا مستمرًا، تقوده منصة المجلس القومي للمدفوعات وسياسات الإشراف على المدفوعات لدى البنك المركزي، إلى جانب أطر الهيئة في الابتكار المالي غير المصرفي (FinTech Law، قرارات 2023، وإطلاق الساندبوكس).


8) كيف يؤثر سعر الفائدة لدى البنك المركزي على شركات التأجير التمويلي والتخصيم؟

تعمل السياسة النقدية عبر قناة سعر الفائدة: يحدد البنك المركزي سعري الإيداع والإقراض لليلة واحدة كحدّي الكوريدور الذي يتحرك داخله سعر الإنتربنك، فتتكيّف معه عوائد وأكلاف التمويل في السوق. عندما ترتفع أسعار السياسة، ترتفع تكلفة الأموال على البنوك، وتنتقل الزيادة إلى شركات غير مصرفية تعتمد على تسهيلات مصرفية أو إصدار سندات/صكوك أو توريق محافظها. النتيجة:

  • التأجير التمويلي: ارتفاع تكلفة المصدرات (قروض/سندات)، فتزيد تكلفة التمويل للعملاء أو تُضغط هوامش الربح؛ كما تتأثر قيمة الأقساط الحالية إذا كانت العقود متغيرة العائد.
  • التخصيم: يتأثر سعر الخصم المستخدم لشراء الذمم المدينة؛ ارتفاع الفائدة يرفع معدل الخصم، فينخفض صافي القيمة الحالية للمستحقات المُخصَّمة ويُعاد تسعير المخاطر.

هذا المنطق مدعوم بإطار البنك المركزي: يُستخدم الكوريدور لتوجيه سعر الإنتربنك لليلة واحدة نحو المستوى المتسق مع هدف التضخم، وبالتبعية تنتقل الإشارات إلى أسعار الاقتراض والائتمان في الاقتصاد الحقيقي.

كما تُظهر قرارات لجنة السياسة النقدية الأخيرة وتقرير السياسة النقدية أن تغييرات أسعار الفائدة تعمل على تشديد أو تيسير الأوضاع المالية؛ وهو ما تلتقطه الشركات الخاضعة للهيئة في تسعير منتجاتها وإدارة مخاطر السيولة والملاءة.


خاتمة

الهيئة العامة للرقابة المالية هي مرجع القطاع غير المصرفي بنص قانون 10/2009 وما تلاه من تشريعات نوعية تجسّدها قوانين التأجير/التخصيم (176/2018)، التمويل الاستهلاكي (18/2020)، المتناهي والصغير (141/2014 وتعديل 201/2020)، إضافة إلى قانون التكنولوجيا المالية 5/2022. وفي المقابل، يختص البنك المركزي المصري بتنظيم الجهاز المصرفي والسياسة النقدية وأنظمة وخدمات الدفع، بما في ذلك ترخيص PSOs/PSPs وقواعد KYC/AML للبنوك. وتمر آثار سعر الفائدة التي يحددها البنك المركزي إلى شركات التأجير والتخصيم وغيرها عبر قناة تكلفة الأموال وتسعير المخاطر—فتتقاطع السياسة النقدية مع الرقابة غير المصرفية في رسم خريطة التمويل والاستثمار.

باختصار: فهم حدود اختصاص الهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزي المصري، وآليات التعاون بينهما، وآثار السياسة النقدية على الكيانات غير المصرفية، يُعدّ شرطًا حاسمًا لصانعي السياسات والباحثين والمستثمرين على السواء.


فضلا املأ البيانات التالية لنتمكن من التواصل معك