Skip to content

كيف يطبق قانون الإثبات في قضايا البنوك في مصر؟

admin
الأصل في الإنسان أن ذمته غير مشغولة بدين، وبالتالي فإن الدائن يقع عليه عبء إثبات الدين، وفي أغلب الحالات يكون الدائن هو البنك، وإثباتاته تكون عن طريق العقود وكشوف الحسابات ومصادقات العميل الكتابية على الأرصدة إن وجدت، وفي المعتاد تكون الأخيرة ــ أي المصادقات الكتابية على الأرصدة ــ هي أقوى إثبات لصالح الدائن، كما أنها قد تكون لصالح المدين إذا كان الدائن يطالب بدين لا يتسق مع آخر مصادقة.

جدول المحتويات

مقدمة

إذا سألت أي عميل يواجه نزاعًا مع البنك: “ما أكثر ما يخيفك في القضية؟” فالإجابة غالبًا ستكون: الأوراق.
نعم، الأوراق… فبين كشوف حسابات مطبوعة، وفواتير مختومة، وتوقيعات إلكترونية، يصبح الأمر وكأنك في مواجهة جبل من المستندات.
وهنا يأتي السؤال الجوهري: كيف يطبق قانون الإثبات في قضايا البنوك في مصر؟

قانون الإثبات: العمود الفقري لأي قضية

قبل أن ندخل في التفاصيل، دعنا نتفق على شيء: لا قضية بدون إثبات.
قانون الإثبات المصري (القانون رقم 25 لسنة 1968 وتعديلاته) هو المرجعية الأساسية التي تحدد كيف يثبت كل طرف ادعاءه، وكيف تفصل المحكمة بين رواية البنك ورواية العميل.

في قضايا البنوك في مصر، الإثبات ليس رفاهية، بل هو ساحة المعركة الأساسية.
البنك سيأتي مسلحًا بكشوف حسابات، وإخطارات، وعقود قروض ومصادقات على أرصدة، بينما العميل قد يملك مستندات مضادة أو دفوعًا تتعلق بصحة التوقيع أو احتساب الفوائد.

الأصل في الإنسان أن ذمته غير مشغولة بدين، وبالتالي فإن الدائن يقع عليه عبء إثبات الدين، وفي أغلب الحالات يكون الدائن هو البنك، وإثباتاته تكون عن طريق العقود وكشوف الحسابات ومصادقات العميل الكتابية على الأرصدة إن وجدت، وفي المعتاد تكون الأخيرة ــ أي المصادقات الكتابية على الأرصدة ــ هي أقوى إثبات لصالح الدائن، كما أنها قد تكون لصالح المدين إذا كان الدائن يطالب بدين لا يتسق مع آخر مصادقة.

وسائل الإثبات في قضايا البنوك

  1. المستندات البنكية
  • العقود الموقعة بين البنك والعميل.
  • كشوف الحسابات الشهرية أو السنوية.
  • خطابات الضمان والاعتمادات المستندية.
  • المصادقات على الأرصدة

المحكمة تعتبر هذه المستندات “حجة” ما لم يطعن عليها بالتزوير أو يثبت خطأ حسابي واضح.

  1. الإقرار
  • قد يعترف العميل بدَين معين، أو قد يُثبت البنك أن العميل أقر صراحة بمسؤوليته.
  • الإقرار في القانون هو سيد الأدلة، لكنه نادر في قضايا البنوك لأن كل طرف يحاول التملص لا الاعتراف
  1. شهادة الشهود
  • نادرة الاستخدام في قضايا البنوك في مصر، لكنها قد تظهر إذا كانت هناك معاملات غير موثقة كتابيًا.
  • على سبيل المثال: عميل يزعم أنه دفع قسطًا نقدًا لموظف البنك بدون إيصال (مغامرة لا ينصح بها إطلاقًا!). في هذه الحالة عبء الإثبات يقع على العميل، والذي في الغالب لن يستطيع إثبات ادعائه.
  1. الخبرة الفنية (المحاسبية)

وهي شائعة جدا كوسيلة إثبات في قضايا البنوك في مصر، وربما حتمية:

  • المحكمة غالبًا تعين خبيرًا محاسبيًا لفحص كشوف الحسابات، لأن القاضي ليس لديه لا الوقت ولا المعرفة لفحص كشف حساب.
  • الخبير يفحص التعاملات التي جرت بين البنك والعميل، ليحدد إن كان البنك محقا في حساب مستحقاته أم لا.
  • في غالب الحالات، تقرير الخبير هو ما يحسم القضية بالكامل.

دور محامي متخصص في قضايا البنوك

قد تقول: “طيب، ما الجديد؟ أليست هذه إجراءات عادية؟”
الجديد أن المحامي العادي قد يتيه وسط هذه الأرقام، بينما محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر يعرف تمامًا كيف يناقش الخبير المحاسبي، وكيف يكشف تناقضات البنك.

🔹 على سبيل المثال:

  • إذا قدم البنك كشف حساب به فوائد متراكمة تتجاوز أصل الدين، في هذه الحالة سيكون المحامي قد فحص طبيعة الدين، هل هو دين مصرفي يمكن استثناؤه من قاعدة عدم تجاوز أصل الدين، أم هو دين نتيجة تظهير أوراق تجارية مثل الشيكات لصالح البنك وبالتالي لا يمكن استثناء هذا الدين من المادة 232 من القانون المدني التي تحظر عدم تجاوز الفائدة لأصل الدين.
  • إذا ظهر توقيع إلكتروني مشكوك فيه، المحامي يعرف كيف يطعن في صحته وفقًا لقانون تنظيم التوقيع الإلكتروني رقم 15 لسنة 2004.

بمعنى آخر، المحامي المتخصص ليس فقط رجل قانون، بل هو أيضًا “محاسب متخفي”

من جهة أخرى فإن التمييز بين القضايا المدنية والجنائية الخاصة بالبنوك يحتاج إلى خبرة أعمق من خبرة المحامي غير المتخصص، ولكل حالة تفاصيلها.

مواقف عملية من قضايا البنوك في مصر

  • الحالة الأولى: عميل يطعن على فوائد بنك زادت عن الحد المقرر في عقد التسهيل المبرم بين العميل والبنك. تقرير الخبير كشف أن البنك احتسب فوائد مركبة بالمخالفة للعقد، فحكمت المحكمة لصالح العميل.
  • الحالة الثانية: شركة ادعت أن البنك أخطأ في تنفيذ اعتماد مستندي. بعد خبرة فنية، ثبت أن البنك لم يلتزم بالتعليمات المكتوبة، فحُكم بتعويض مناسب للشركة.
  • الحالة الثالثة: عميل وقع شيكًا على بياض، والبنك ملأ بيانات المبلغ لاحقًا. هنا كان النقاش حول الإثبات الجنائي والمدني معًا، مما جعل القضية معقدة لكنها نموذجية لتداخل القوانين. اعتبرت المحكمة أن توقيع الشيك على بياض هو بمثابة تفويض للبنك بملء البيانات.

كل هذه القضايا وغيرها هي وقائع عملية تثبت أن النظام القانوني الحاكم على البنوك هو نظام معقد وعادل، كما أن البنك المركزي المصري يشجع البنوك وأحيانا يلزمها بمحاولة الحل الودي مع العملاء قبل الدخول في التقاضي، وذلك حفاظا على الأمان الاقتصادي للبلد، وأيضا لأن التسويات الودية قد تجلب للبنك ما لا يجلبه التقاضي، مما يحافظ على أموال المودعين والتي تسري عليها قوانين المال العام.

كيف تحمي نفسك في قضايا البنوك؟

  1. احرص على حفظ كل المستندات: لا ترمِ إيصالًا ولا إيميلًا، فقد يكون ورقة النجاة.
  2. راجع كشوف الحساب باستمرار: لا تنتظر حتى تتراكم الأخطاء.
  3. استعن بخبير أو مكتب قانوني متخصص مبكرًا: التدخل المبكر يوفر سنوات من التقاضي.

رأي المقر العربي للاستشارات القانونية والمالية

من خبرتنا، نرى أن 70% من النزاعات البنكية في مصر كانت لتُحل أسرع لو أن العميل لجأ إلى محامي متخصص في قضايا البنوك منذ البداية.

قانون الإثبات ليس مجرد نصوص جامدة؛ هو أداة عملية تحتاج إلى من يعرف كيف يستخدمها، خاصة عندما يكون الطرف الآخر بنكًا يملك جيشًا من المستندات والموظفين.

المقر العربي يرى أن المعركة في قضايا البنوك ليست فقط في ساحة المحكمة، بل تبدأ من أول مستند توقعه مع البنك. وهنا يأتي دورنا في حماية عملائنا منذ اللحظة الأولى، حفاظا على حرمة المال العام وأموال المودعين.

خاتمة

قانون الإثبات في قضايا البنوك في مصر هو الساحة التي تُحسم فيها النزاعات: مستند مقابل مستند، دليل مقابل دليل، وخبير مقابل خبير.
فلا تستهن بهذه المعركة، وكن مستعدًا دائمًا بالوثائق الصحيحة وبفريق قانوني يعرف كيف يحول الأرقام إلى حجج قانونية دامغة.

فضلا املأ البيانات التالية لنتمكن من التواصل معك