Skip to content
صورة للدفع عن طريق شيك

جرائم الشيك في قانون التجارة المصري

admin
من المبادئ المستقرة فقهيًا وقضائيًا أن الشيك أداة وفاء مستقلة عن سبب الالتزام، أي أنه لا يجوز للساحب أن يحتج على حامل الشيك بأنه أصدره مقابل معاملة لم تتم أو لقاء التزام لم يُنفذ.
فالمشرّع ينظر إلى الشيك كبديل عن النقود، وليس كمجرد وسيلة ضمان، وبالتالي فإن إصدار الشيك بدون رصيد يُعد بذاته جريمة، بصرف النظر عن النزاع حول السبب الذي من أجله حُرّر.

المحتويات

مقدمة

يُعد الشيك من أهم أدوات الوفاء في التعاملات التجارية والمالية، لما يوفره من سرعة وسهولة في نقل الأموال. ولحماية الثقة العامة في التعامل به، نظم المشرّع المصري عددًا من الأحكام الخاصة بتجريم الأفعال التي تمس بمصداقية الشيك، وذلك في المواد من 533 إلى 539 من قانون التجارة.
وفيما يلي عرض لتلك النصوص القانونية مقرونًا بشرح مبسط يهدف إلى توعية القارئ غير المتخصص بطبيعة هذه الجرائم ومخاطرها القانونية

مادة 533 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999

يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه كل موظف بالبنك ارتكب عمدًا أحد الأفعال الآتية:

    1.  التصريح على خلاف الحقيقة بعدم وجود مقابل وفاء للشيك أو بوجود مقابل وفاء أقل من قيمته.

    1. الرفض بسوء نية وفاء شيك له مقابل وفاء كامل أو جزئي ولم يقدم بشأنه اعتراض صحيح.

    1. الامتناع عن وضع أو تسليم البيان المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 518 من هذا القانون.

    1. تسليم أحد العملاء دفتر شيكات لا يشتمل على البيانات المنصوص عليها في المادة 530 من هذا القانون

 ويكون البنك مسؤولًا بالتضامن مع موظفيه المحكوم عليهم عن سداد العقوبات المالية المحكوم بها.

تُحمّل هذه المادة موظفي البنوك مسؤولية قانونية عن أي تصرف غير نزيه بشأن الشيكات، مثل إصدار بيانات خاطئة عن الرصيد أو تعطيل صرف الشيك عمدًا. كما تمتد المسؤولية إلى البنك نفسه، مما يشكل ضغطًا إضافيًا على المؤسسات المالية لضبط سلوك موظفيها.

مادة 534 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999

 يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب عمدًا أحد الأفعال الآتية:

    1. إصدار شيك ليس له مقابل وفاء قابل للصرف.

    1. استرداد كل الرصيد أو بعضه أو التصرف فيه بعد إصدار الشيك بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك.

    1. إصدار أمر للمسحوب عليه بعدم صرف الشيك في غير الحالات المقررة قانونًا.

    1. تحرير شيك أو التوقيع عليه بسوء نية على نحو يحول دون صرفه.

يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة كل من ظهر لغيره شيكًا تظهيرًا ناقلًا للملكية أو سلمه شيكًا مستحق الدفع لحامله مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء كافٍ أو أنه غير قابل للصرف.

وإذا عاد الجاني إلى ارتكاب إحدى هذه الجرائم خلال خمس سنوات من تاريخ الحكم عليه نهائيًا في أي منها، تكون العقوبة الحبس والغرامة التي لا تجاوز مائة ألف جنيه.

وللمجني عليه أو لوكيله الخاص في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة أن يطلب من النيابة العامة أو المحكمة – بحسب الأحوال – وفي أية حالة كانت عليها الدعوى، إثبات صلحه مع المتهم.
ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها ولو بعد صيرورة الحكم باتًا.

الغرض التشريعي من هذا التأثيم

تسعى المادة 534 إلى حماية الثقة التي يوليها المجتمع للشيك باعتباره أداة وفاء تحل محل النقود. وقد حرص المشرّع على تجريم الأفعال التي تمس هذه الثقة، خاصة أن الشيك يتم تداوله بين الأفراد في المعاملات اليومية دون تحقق مباشر من وجود رصيد، وهو ما يجعل الإضرار بمصداقيته تهديدًا للاستقرار المالي والاجتماعي.

الشيك أداة وفاء

من المبادئ المستقرة فقهيًا وقضائيًا أن الشيك أداة وفاء مستقلة عن سبب الالتزام، أي أنه لا يجوز للساحب أن يحتج على حامل الشيك بأنه أصدره مقابل معاملة لم تتم أو لقاء التزام لم يُنفذ.
فالمشرّع ينظر إلى الشيك كبديل عن النقود، وليس كمجرد وسيلة ضمان، وبالتالي فإن إصدار الشيك بدون رصيد يُعد بذاته جريمة، بصرف النظر عن النزاع حول السبب الذي من أجله حُرّر.

الجريمة لا تتطلب قصدًا جنائيًا خاصًا

المادة لا تشترط لقيام الجريمة توافر نية الغش أو الإضرار بالغير، بل يكفي القصد العام، أي مجرد علم الساحب وقت تحرير الشيك بعدم وجود مقابل وفاء كافٍ. فالسلوك ذاته مجرم قانونًا بغض النظر عن الدوافع أو الأسباب.

الأفعال المؤثَّمة بالمادة 534

إصدار شيك بدون رصيد (الفقرة أ)

وهي الصورة الأشهر للجريمة.
مثال: شخص يحرر شيكًا بمبلغ 50 ألف جنيه ويسلمه للمستفيد، رغم علمه أنه لا يملك في حسابه سوى ألف جنيه

سحب الرصيد بعد إصدار الشيك (الفقرة ب)

أي وجود رصيد كافٍ وقت تحرير الشيك، لكن الساحب يتعمد سحبه أو التصرف فيه قبل تقديم الشيك للبنك.
مثال: الساحب يحرر شيكًا بتاريخ اليوم، ثم يسحب رصيده في اليوم التالي، قبل أن يقدمه المستفيد للبنك.

إصدار أمر بعدم الصرف (الفقرة ج)

ويكون ذلك مخالفًا للقانون، إذ لا يحق للساحب أن يمنع البنك من الصرف إلا في حالات محددة قانونًا، مثل ضياع الشيك أو إفلاس حامله.
مثال: الساحب يتصل بالبنك ويأمره بعدم صرف الشيك، رغم أن السبب لا يدخل ضمن الحالات التي يسمح فيها القانون بذلك.

تحرير الشيك بطريقة تمنع صرفه (الفقرة د)

كأن يتعمد الساحب التوقيع بشكل خاطئ، أو يشطب بيانات جوهرية، أو يستخدم حبرًا يُمحى بسهولة.
مثال: الساحب يحرر الشيك بقلم رصاص أو يوقع بتوقيع غير مطابق لما هو بالبنك، لإفشال عملية الصرف.

 تجريم التظهير بسوء نية (الفقرة 2)

يشمل العقاب أيضًا من يسلم الشيك لغيره رغم علمه بعدم وجود رصيد.
مثال: شخص حصل على شيك بدون رصيد، ويعلم أنه لن يُصرف، ثم يُظهره لشخص آخر على أنه صحيح.

العودة (الفقرة 3)

إذا عاد الجاني لارتكاب نفس الجريمة خلال 5 سنوات من صدور حكم نهائي عليه، تشدد العقوبة.
هذا يُظهر اهتمام المشرّع بردع المعتادين على استغلال الشيك في معاملات غير جادة.

الصلح (الفقرة 4)

يمنح القانون فرصة للمتهم لتسوية الأمر وديًا، حتى بعد صدور الحكم، بما يحقق التوازن بين الردع والعفو، ويُراعي طبيعة الشيك كأداة مالية قد تستخدم في معاملات يومية بسيطة.

مادة 535

“يعاقب بغرامة لا تجاوز ألف جنيه المستفيد الذي يحصل بسوء نية على شيك ليس له مقابل وفاء، سواء كان شخصًا طبيعيًا أم اعتباريًا.”

تضع هذه المادة المستفيد موضع مساءلة إذا علم مسبقًا بعدم وجود رصيد وراء الشيك وقبل به رغم ذلك. فهي لا تكتفي بمحاسبة الساحب فقط، بل تمتد لتشمل كل من يتواطأ على إساءة استخدام الشيك.

مادة 536

“يعاقب بالحبس وغرامة لا تجاوز نصف قيمة الشيك أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ادعى بسوء نية تزوير شيك، وحكم نهائيًا بعدم صحة هذا الادعاء.”

تحمي هذه المادة التعاملات من محاولات التعطيل أو الابتزاز عبر ادعاء كاذب بوقوع تزوير، إذ تُعاقب من يزعم وجود تزوير دون وجه حق، إذا ثبت كذبه بحكم نهائي.

مادة 537

“إذا قضت المحكمة بالإدانة في إحدى جرائم الشيك المنصوص عليها في المادة 534، جاز لها أن تأمر بنشر الحكم على نفقة المحكوم عليه في صحيفة يومية.
 ويجوز للمحكمة في حالة العود أن تأمر بسحب دفتر الشيكات ومنع إصدار دفاتر جديدة، وتقوم النيابة العامة بإبلاغ القرار إلى جميع البنوك.”

تمنح هذه المادة للمحكمة أدوات ردعية إضافية، مثل التشهير بالمحكوم عليه ونشر الحكم، وحرمانه مؤقتًا من التعامل بالشيكات، بما يهدف إلى حماية المجتمع المالي من المتلاعبين.

مادة 538

“توقع الجزاءات المقررة للجرائم المنصوص عليها في المواد 533، 534، 535 من هذا القانون على كل من يرتكب خارج مصر فعلاً يجعله فاعلًا أو شريكًا في جريمة تتعلق بشيك مسحوب على بنك في مصر، ولو كان الفعل غير معاقب عليه في الدولة التي وقع فيها.”

نص هذه المادة على أن الجريمة المتعلقة بالشيك تظل قائمة حتى لو حدثت خارج مصر، طالما كان الشيك مسحوبًا على بنك داخل مصر. وهذا لحماية الاقتصاد الوطني من الممارسات الاحتيالية العابرة للحدود.

مادة 539

“يجوز لحامل الشيك الذي ادعى مدنيًا في الدعوى الجنائية المقامة تطبيقًا للمادة 534 أن يطلب الحكم له بالقدر غير المدفوع من قيمة الشيك، وتُسري على هذا الطلب والطعن فيه أحكام الدعوى المدنية التابعة.”

تسمح هذه المادة للضحية بالمطالبة بحقه المالي مباشرة أمام المحكمة الجنائية، دون الحاجة إلى دعوى مدنية مستقلة، مما يسرّع وتيرة الحصول على الحقوق ويقلل الأعباء القضائية.

فضلا املأ البيانات التالية لنتمكن من التواصل معك