Skip to content

تجاوز الفوائد لأصل الدين: بين القضاء المدني والتجاري والمحكمة الاقتصادية

admin

من النزاعات المعقدة التي تصل إلى أروقة المحاكم تلك التي تتعلق بمسألة تجاوز الفوائد لأصل الدين. كثير من العملاء يفاجأون بأن الفوائد المتراكمة على ديونهم لدى البنوك أو التجار قد قاربت، أو حتى فاقت، أصل الدين الذي اقترضوه. وهنا يثور السؤال الجوهري: هل يجيز القانون المصري ذلك؟ وكيف تتم معالجة الأمر في القضاء المدني والقضاء…

مقدمة: تجاوز الفوائد لأصل الدين

من النزاعات المعقدة التي تصل إلى أروقة المحاكم تلك التي تتعلق بمسألة تجاوز الفوائد لأصل الدين. كثير من العملاء يفاجأون بأن الفوائد المتراكمة على ديونهم لدى البنوك أو التجار قد قاربت، أو حتى فاقت، أصل الدين الذي اقترضوه. وهنا يثور السؤال الجوهري: هل يجيز القانون المصري ذلك؟ وكيف تتم معالجة الأمر في القضاء المدني والقضاء التجاري والمحكمة الاقتصادية؟

هذا المقال يقدّم معالجة قانونية ومالية وافية، تستند إلى نصوص القانون المدني وقانون التجارة وقانون البنك المركزي، إضافة إلى أحكام محكمة النقض وتطبيقات المحاكم الاقتصادية، مع إبراز الدور المحوري لـ محامٍ متخصص في قضايا البنوك في مصر.

الإطار العام للفوائد في القانون المدني

القانون المدني المصري وضع قيودًا صارمة على الفوائد حمايةً للمدين من الاستغلال.

  • المادة 226 مدني: إذا كان محل الالتزام مبلغًا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين، استحقت فائدة قانونية قدرها 4% في المسائل المدنية و5% في المسائل التجارية، وذلك من تاريخ المطالبة القضائية ما لم يوجد اتفاق أو عرف مخالف.
  • المادة 227 مدني: لا يجوز أن يتجاوز الاتفاق على الفائدة 7% سنويًا، وأي زيادة تُخفض إلى هذا الحد ويُرد ما دُفع بالزيادة.
  • المادة 232 مدني: لا يجوز تقاضي فوائد على متجمّد الفوائد (أي لا فوائد مركبة)، ولا يجوز أن يتجاوز مجموع الفوائد أصل الدين، إلا إذا قضت القواعد والعادات التجارية بخلاف ذلك.

موقف القضاء المدني

محكمة النقض المصرية قضت مرارًا بأن هذه النصوص من النظام العام، أي لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها. لذا، في نطاق القضاء المدني، الإجابة واضحة:

  • الفوائد لا يجوز أن تتجاوز أصل الدين.
  • لا يجوز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد.
  • أي شرط يخالف ذلك يعد باطلًا.

الفوائد في القضاء التجاري

في المعاملات التجارية، كان المشرع أكثر مرونة لكنه أبقى على الأصل ذاته:

  • المادة 64 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 تنص على أن المدين في الالتزامات النقدية التجارية يلتزم بأداء فوائد التأخير بمجرد الاستحقاق، لكن تضيف:

“لا يجوز في أي حال أن يتجاوز مجموع الفوائد المستحقة على المبلغ محل الدين أصل هذا المبلغ، إلا إذا نص القانون أو جرى العرف التجاري على غير ذلك”.

أحكام النقض التجارية

أكدت محكمة النقض (الطعن 1528 لسنة 81 ق جلسة 27/6/2021) أن الأصل هو حظر أن يتجاوز مجموع الفوائد أصل الدين، وأن الاستثناء يتطلب إما نصًا خاصًا أو إثبات عرف تجاري مستقر. وعبء الإثبات هنا يقع على الدائن (البنك أو التاجر).

إذن، في القضاء التجاري: الأصل المنع، والاستثناء مرهون بعرف تجاري ثابت.

الديون البنكية وقانون البنك المركزي

الديون البنكية تُعامل معاملة خاصة لاعتبارات تتعلق بالسياسة النقدية وحماية النظام المصرفي.

  • قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020 أعطى للبنك المركزي سلطة وضع السياسة النقدية، ومنها تحديد سعر الفائدة الأساسي (سعر الإيداع والإقراض لليلة واحدة – الكوريدور).
  • البنوك تحدد أسعار الفائدة في عقودها مع العملاء استنادًا إلى هذه السياسات، وليس وفق السقف 7% الوارد في القانون المدني.
  • القضاء المصري مستقر على أن الفوائد الاتفاقية في العمليات المصرفية تخضع للعقود البنكية طالما تمت وفق تعليمات البنك المركزي.

الحساب الجاري البنكي ورسملة الفوائد

العرف المصرفي يسمح بـ رسملة الفوائد في الحسابات الجارية، أي إدخال الفائدة في الرصيد وإعادة احتساب فائدة جديدة عليه. وهو ما يفسر كيف قد تتجاوز الفوائد أصل الدين أثناء سريان الحساب البنكي. هذا استثناء مشروع يستند إلى المادة 232 مدني التي استثنت “العادات التجارية”.

بعد قفل الحساب البنكي

  • عند إقفال الحساب الجاري المتعثر، يتحول الرصيد إلى دين تجاري حالّ الأداء.
  • فإذا لم ينص العقد على استمرار سريان الفائدة البنكية، تُطبق الفائدة القانونية (5% سنويًا).
  • أما إذا نص العقد صراحة على استمرار الفائدة البنكية بعد القفل، فيُعمل بهذا الشرط طالما لم يخالف النظام العام.

المحكمة الاقتصادية ودورها

مع إنشاء المحاكم الاقتصادية بالقانون رقم 120 لسنة 2008، أصبحت النزاعات المصرفية وقضايا البنوك من اختصاصها النوعي. وتشمل ولايتها:

  • منازعات البنوك والقروض والتسهيلات الائتمانية.
  • الطعون المتعلقة بأسعار الفائدة البنكية وتجاوزها لأصل الدين.
  • منازعات الحسابات الجارية والشيكات والسندات لأمر المرتبطة بالبنوك.

لماذا المحكمة الاقتصادية؟

  • لأنها محكمة متخصصة تملك خبراء ماليين واقتصاديين.
  • تسرّع إجراءات الفصل مقارنة بالقضاء المدني العادي.
  • توفر بيئة قانونية أكثر ملاءمة للقضايا المعقدة مثل نزاعات الفوائد البنكية.

وجود المحكمة الاقتصادية جعل القواعد المتعلقة بتجاوز الفوائد المتراكمة لأصل الدين أكثر وضوحًا وتطبيقًا عمليًا، خصوصًا في ظل مناقشة تقارير الخبراء المحاسبين التي تحدد ما إذا كان البنك التزم بالقانون والعرف أم تجاوزهما.

متى تتجاوز الفوائد أصل الدين؟

الخلاصة من العرض السابق:

  • القضاء المدني: يمنع مطلقًا (4% فائدة قانونية – سقف 7% اتفاقية – لا فوائد على الفوائد – لا تجاوز لأصل الدين).
  • القضاء التجاري: يمنع تجاوز أصل الدين كأصل، لكن يسمح بالاستثناء إذا أثبت الدائن وجود عرف تجاري.
  • المحكمة الاقتصادية: تطبق استثناءات العرف المصرفي على الحسابات الجارية، مما قد يسمح بتجاوز الفوائد والعمولات لأصل الدين أثناء سريان الحساب، لكن تعود للقيود العامة بعد قفله ما لم يوجد شرط صريح بالعقد.

دور محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر

كل ما سبق يوضح أن النزاع حول تجاوز مجموع الفوائد لأصل الدين يحتاج إلى فهم قانوني ومحاسبي دقيق. في أمثال تلك القضايا قد لا يسعفك مكتب محاماة معتاد نظرا لاحتياجك إلى معرفة متخصصة ومتعمقة، ولكن هنا يظهر دور محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر:

  • يراجع العقود البنكية ويكشف البنود التي قد تسمح برسملة الفوائد أو استمرار تطبيق سعر الفائدة البنكي بعد قفل الحساب.
  • يدافع أمام المحكمة الاقتصادية أو القضاء المدني/التجاري بناءً على التكييف الصحيح للدين.
  • يعرف كيف يناقش تقارير الخبراء المحاسبين ويطعن على أي احتساب يخالف نصوص القانون أو يتجاوز حدود العرف المسموح به.

المقر العربي وخبرته في قضايا البنوك

في المقر العربي للاستشارات القانونية والمالية، عالجنا كثيرا من النزاعات المتعلقة بأصول القروض والفوائد والعوائد المهمشة أمام المحكمة الاقتصادية. خبرتنا تجمع بين:

  • التحليل القانوني: تطبيق النصوص بصرامة، خصوصًا المواد 226 و227 و232 مدني والمادة 64 تجارة متى كان لذلك مقتضى.
  • الفهم المالي: مراجعة كشوف الحسابات وتحليل كيفية احتساب الفوائد ورسملتها.
  • التجربة العملية: استرداد مبالغ دفعت بالزيادة، وإسقاط فوائد غير مشروعة، والتوصل إلى تسويات عادلة بين العملاء والبنوك.

نحن نؤمن أن النزاع البنكي لا يُحسم بالأرقام وحدها، بل بالجمع بين القانون والمحاسبة والتسوية الودية مع الدائنين، والأخيرة هي أهم شيء، توفيرا للتكاليف والوقت والمجهود وحفاظا على حرمة المال العام وأموال المودعين، ولأن البنوك المصرية نفسها تفضل المسارات الودية لنفس الأسباب.

خاتمة

تُظهر قضية تجاوز مجموع الفوائد المتراكمة لأصل الدين مدى التوازن الذي يحاول المشرع والقضاء المصري تحقيقه بين حماية الدائن من المماطلة وحماية المدين من الاستغلال.

  • في القضاء المدني، الحماية للمدين مطلقة تقريبًا.
  • في القضاء التجاري، هناك نافذة محدودة للعرف التجاري.
  • في المحكمة الاقتصادية، يبرز العرف المصرفي كاستثناء، لكنه محكوم بحدود القانون والرقابة القضائية.

ولذلك فإن النصيحة الأهم: لا تدخل معاملة بنكية أو نزاعًا مع بنك دون استشارة محامي متخصص في قضايا البنوك في مصر، لأن التفاصيل الدقيقة — كشرط استمرار الفائدة بعد قفل الحساب — قد تغيّر النتيجة كليًا.

فضلا املأ البيانات التالية لنتمكن من التواصل معك