Skip to content

المخصصات والجدارة الائتمانية في عمل البنوك

admin

المخصص هو التزام احتمالي بمبلغ أو توقيت غير مؤكّد، يُعترف به محاسبيًا. قبل تطبيق IFRS 9، كانت البنوك لا تُكوّن المخصصات إلا بعد حدوث خسارة فعلية (تعثر مؤكد أو تأخر طويل في السداد)، لكن مع الأزمات المالية (مثل أزمة 2008)، أثبت هذا النموذج أنه متأخر جدًا، مما يعرّض البنوك لمفاجآت ضخمة. الجدارة الائتمانية أيضا عامل…

المحتويات
  1. 1) مفهوم «المخصص» في العموم
  2. 3) المخصصات عند البنوك (IFRS 9 – الخسائر الائتمانية المتوقعة)
  3. 4) تصنيفات الجدارة الائتمانية لدى البنك المركزي المصري (2005)
  4. 5) طريقة عمل البنوك في المخصصات
  5. 6) تطور عمل البنوك في المخصصات (مصر 2005 → 2025)
  6. 7) «إعدام الدين» في البنوك
  7. 8) IAS و IASC و IASB و IFRS: المفاهيم والتعريفات

1) مفهوم «المخصص» في العموم

المخصص هو التزام احتمالي بمبلغ أو توقيت غير مؤكّد، يُعترف به محاسبيًا عندما تتوافر ثلاثة شروط أساسية:

  1. وجود التزام حالي (قانوني أو ضمني) نشأ من حادث ماضٍ.
  2. احتمال كبير لخروج موارد اقتصادية لتسوية هذا الالتزام.
  3. إمكانية قياس المبلغ بدرجة موثوقة.

يُقاس المخصص عند أفضل تقدير متاح، وقد يُخصم إلى القيمة الحالية إذا كانت قيمة الزمن للنقود مؤثرة، ويجب مراجعته دوريًا وتعديله إذا تغيرت التقديرات أو أُلغِي إذا زال سببه.

مبدأ الحيطة والحذر (Conservatism Principle)

يقوم الاعتراف بالمخصصات على مبدأ الحيطة والحذر، أي تسجيل جميع الخسائر المحتملة حتى لا يتم تضخيم الأرباح أو إظهار المركز المالي على نحو أفضل من الواقع. فالمخصصات هي أداة لوقاية المنشأة من الصدمات المالية غير المتوقعة.

أمثلة واقعية

  • ضمانات المنتجات: شركات الإلكترونيات أو السيارات تُكوّن مخصصًا للصيانة أو الاستبدال بناءً على نسب الأعطال التاريخية.
  • العقود المُرهِقة (Onerous Contracts): في شركات المقاولات قد تكون تكلفة إتمام مشروع أعلى من العائد المتوقع، وهنا يُسجَّل مخصص يعكس الخسارة المستقبلية.
  • الدعاوى القضائية: قد تُقاضي شركة ما لخرق عقد، فتُقدّر الإدارة بالتشاور مع المستشار القانوني احتمالية دفع تعويض وتُكوّن مخصصًا.
  • الإزالة البيئية (Environmental Liabilities): شركات البترول أو التعدين تُلزم بإعادة تأهيل مواقع الإنتاج بعد انتهاء النشاط، فتُكوّن مخصصًا لتغطية هذه التكاليف.
  • إعادة الهيكلة (Restructuring): إذا قررت شركة إغلاق فرع أو مصنع، فعليها تكوين مخصص للتعويضات وإنهاء العقود.
  • الضرائب المتنازع عليها: إذا كان هناك نزاع مع مصلحة الضرائب واحتمال الخسارة قائم، يُسجَّل مخصص وفقًا لأفضل تقدير.

ماذا لو لم يتحقق السبب؟

إذا لم يعد مرجحًا خروج موارد لتسوية الالتزام (مثلاً: كسبت الشركة الدعوى القضائية أو انتهى النزاع الضريبي لصالحها)، يُعكس المخصص وتُرحَّل القيمة إلى الأرباح والخسائر، ما يعكس تحسينًا في الأداء المالي.

أهمية تكوين المخصص وخطورة إهماله

  • الأهمية:
    • حماية المركز المالي من الصدمات.
    • إظهار صورة عادلة عن نتائج الأعمال.
    • تعزيز ثقة المستثمرين والممولين.
  • الخطورة في الإهمال:
    • تضخيم الأرباح بشكل وهمي.
    • تعرّض الشركة لمفاجآت مالية لا تغطيها الأرباح.
    • فقدان المصداقية أمام المراجعين والجهات الرقابية.
    • إضعاف القدرة على جذب تمويل أو استثمارات مستقبلية.

2) المعالجة المحاسبية للمخصص

المخصص ليس مجرد رقم تقديري، بل له دورة محاسبية واضحة تبدأ بالتكوين، ثم الاستخدام أو الإلغاء أو إعادة التقدير. فيما يلي السيناريوهات الأساسية:

أ) استخدام المخصص جزئيًا

إذا تحقق الالتزام جزئيًا (مثلاً: دعوى قضائية كان مقدَّر لها 200,000 جنيه، وحُكم ضد الشركة بـ 120,000 جنيه فقط):

  • عند التكوين:

من ح/ مصروف دعاوى قضائية      200,000

   إلى ح/ مخصص دعاوى قضائية          200,000

  • عند السداد الفعلي (120,000):

من ح/ مخصص دعاوى قضائية       120,000

   إلى ح/ البنك / النقدية             120,000

  • المتبقي من المخصص (80,000) يُعكس:

من ح/ مخصص دعاوى قضائية        80,000

   إلى ح/ إيرادات أخرى (مصروفات مخصصات)             80,000

ب) استرجاع المخصص بالكامل

إذا تكوّن مخصص ولم يتحقق سبب الالتزام (مثلاً: كان هناك نزاع ضريبي مقدَّر بمليون جنيه، لكن صدر حكم لصالح الشركة):

  • عند التكوين:

من ح/ مصروف ضرائب متنازع عليها     1,000,000

   إلى ح/ مخصص ضرائب متنازع عليها         1,000,000

  • عند زوال السبب (استرجاع كامل):

من ح/ مخصص ضرائب متنازع عليها     1,000,000

   إلى ح/ إيرادات أخرى (مصروفات مخصصات)                   1,000,000

ج) التأخير في التحصيل فقط (دون خسارة أصل الدين)

أحيانًا يتم تحصيل الدين كاملًا ولكن بعد فترة أطول من المتفق عليها.

  • إذا لم يكن هناك تعديل جوهري في العقد: يُعترف بخسارة «انخفاض قيمة» تمثل الفرق في القيمة الحالية نتيجة التأخير، ثم تُعكس عند التحصيل.
    مثال: دين مقداره 100,000 جنيه ولكن يتوقع أن يتأخر السداد لمدة سنة، وباحتساب معامل خصم 10%.
  • القيمة الحالية = 90,909 جنيه.
  • يُعترف بانخفاض قيمة 9,091 جنيه:
  • تسلسل الأحداث والإجراءات على المخصص يمكن توضيحه كالتالي لكل مرحلة:
المرحلةالقيد المحاسبيالشرح
1. الاعتراف الأولي بالقرض (تسجيل المدينون بالقيمة الاسمية وتكوين المخصص)من ح/ المدينون 100,000
  إلى ح/ مخصص خسائر ائتمانية 9,091
  إلى ح/ البنك (أو حساب النقدية/الإيراد) 90,909
يظهر المدينون بالرصيد الإجمالي (100,000) مع تكوين مخصص لتقليل القيمة الدفترية إلى 90,909 (القيمة الحالية).
2. نهاية الفترة (مراجعة المخصص)لا يوجد قيد جديد إذا لم تتغير التقديرات.يُراجع المخصص دوريًا ويُعدل عند الحاجة.
3. عند التحصيل (استلام كامل القيمة 100,000)من ح/ البنك 100,000
  إلى ح/ المدينون 100,000
يُقفل حساب المدينون بكامل قيمته الاسمية (100,000).

د) استخدام المخصص بالكامل

إذا تحقق الالتزام بكامل قيمته (مثلاً: شركة كوّنت مخصص 500,000 لإزالة بيئية، والتكلفة النهائية كانت فعلًا 500,000):

  • عند التكوين:

من ح/ مصروف إزالة بيئية     500,000

   إلى ح/ مخصص إزالة بيئية         500,000

  • عند السداد:

من ح/ مخصص إزالة بيئية     500,000

   إلى ح/ البنك / النقدية           500,000

ملحوظة محاسبية

الفرق الأساسي أن الاستخدام يُسجّل دائمًا بالخصم على حساب المخصص، بينما الإلغاء/الاسترجاع يُسجّل بالإقفال في الإيرادات الأخرى أو يمكن استخدام حساب وسيط للأرباح والخسائر. هذا يضمن عدم تضخيم الأرباح بشكل غير واقعي قبل التأكد من زوال السبب.


3) المخصصات عند البنوك (IFRS 9 – الخسائر الائتمانية المتوقعة)

الجدارة الائتمانية تستخدم لتكوين المخصصات في البنوك
الجدارة الائتمانية جوهرية لتكوين المخصصات للأصول المالية في البنوك

من نموذج الخسائر المتحققة إلى نموذج الخسائر المتوقعة

قبل تطبيق IFRS 9 (انظر الجزء الأخير من المقال)، كانت البنوك لا تُكوّن المخصص إلا بعد حدوث خسارة فعلية (تعثر مؤكد أو تأخر طويل في السداد). هذا يُسمى نموذج الخسائر المتحققة (Incurred Loss Model).
لكن مع الأزمات المالية (مثل أزمة 2008)، أثبت هذا النموذج أنه متأخر جدًا، لأنه لا يعترف بالخسائر إلا بعد وقوعها، مما يعرّض البنوك لمفاجآت ضخمة.

لذلك جاء IFRS 9 عام 2018 بفرض نموذج الخسائر الائتمانية المتوقعة (Expected Credit Loss – ECL)، وهو أكثر تحوّطا لأنه يُلزم البنوك بتقدير احتمالية التعثر والخسائر المحتملة من اليوم الأول لمنح القرض، ومراجعتها دوريًا.

معادلة الخسائر الائتمانية المتوقعة

في إطار معيار IFRS 9، لا تُحسب الخسائر الائتمانية المتوقعة كقيمة مطلقة فقط، بل يجب احتسابها بالقيمة الحالية للتدفقات النقدية المتوقعة، أي بعد ضربها في معدل خصم يعكس القيمة الزمنية للنقود.

الصيغة العامة الموسعة:

\[ECL = \sum_{t=1}^{T} \bigl( EAD_t \times PD_t \times LGD_t \times DF_t \bigr)\]

حيث:

  • EAD (Exposure at Default – حجم التعرض عند التعثر)
    هو الرصيد القائم المتوقع وقت التعثر، ويشمل الأرصدة غير المسددة إضافةً إلى التسهيلات التي قد يسحبها العميل قبل التعثر.
    • مثال: إذا كان الحد الائتماني 1,000,000 جنيه، وقد سدد العميل 200,000، لكن البنك يتوقع أن يصل التعرض الفعلي وقت التعثر إلى 900,000، فإن EAD = 900,000.
  • PD (Probability of Default – احتمالية التعثر)
    هي النسبة التي تعكس احتمال تخلف العميل عن السداد في فترة معينة (12 شهرًا أو العمر المتبقي للقرض).
    • مثال: إذا كانت احتمالية التعثر 5% خلال سنة، فهذا يعني أن 5 من كل 100 عميل مشابه قد يتعثرون.
  • LGD (Loss Given Default – الخسارة عند التعثر)
    هي نسبة الخسارة الصافية بعد استبعاد قيمة الضمانات والتحصيلات الممكنة.
    • مثال: إذا كان التعرض (EAD) = 900,000، والضمانات القابلة للتحصيل = 600,000، فإن الخسارة = 300,000، أي أن LGD = 33.3%.
  • DF (Discount Factor – معامل الخصم)
    هو معامل يُستخدم لتحويل الخسائر المستقبلية إلى قيمتها الحالية باستخدام معدل الفائدة الفعّال (EIR) أو معدل خصم مناسب، طبقا للمعادلة، حيث r هو معدل الخصم، بينما t هي الفترة الزمنية:
\[DF_t = \frac{1}{(1+r)^t}\]

مثال عددي

  • القرض: 1,000,000 جنيه (حد ائتماني).
  • الرصيد المتوقع وقت التعثر (EAD): 900,000 جنيه.
  • احتمالية التعثر (PD): 5% = 0.05.
  • الخسارة عند التعثر (LGD): 33.3% = 0.333.
  • فترة الاستحقاق: سنة واحدة.
  • معدل الخصم (EIR): 10% = 0.10.
\[ECL = 900{,}000 \times 0.05 \times 0.333 \times \frac{1}{1.10}\] \[ECL \approx 13{,}636 \; \text{جنيه}\]

إذن البنك يجب أن يُكوّن مخصصًا قدره 13,636 جنيه لهذا العميل، وهو أعلى من التقدير غير المخصوم، لأننا أخذنا في الاعتبار القيمة الزمنية للنقود.

المراحل الثلاث (Staging) في IFRS 9

1) المرحلة الأولى (Stage 1) – مخاطر منخفضة

  • تشمل جميع القروض الجديدة أو التي لم تشهد زيادة جوهرية في المخاطر.
  • المخصص = خسائر متوقعة خلال 12 شهرًا فقط.
  • مثال: قرض شخصي جديد بقيمة 50,000 جنيه، احتمال تعثره خلال سنة 2%، LGD 50%.
    • ECL = 50,000 × 0.02 × 0.5 = 500 جنيه.

2) المرحلة الثانية (Stage 2) – زيادة جوهرية في المخاطر

  • تشمل القروض التي ارتفعت مخاطرها الائتمانية بشكل ملحوظ (مثلاً تأخر العميل 30 يومًا عن السداد).
  • المخصص = خسائر متوقعة على طوال العمر المتبقي للقرض.
  • مثال: نفس القرض السابق (50,000 جنيه) ولكن بسبب ضعف دخل العميل ارتفعت PD على العمر المتبقي (3 سنوات) إلى 15%.
    • ECL = 50,000 × 0.15 × 0.5 = 3,750 جنيه.

3) المرحلة الثالثة (Stage 3) – تعثر فعلي

  • هي القروض المتعثرة فعليًا (مثلاً تأخر أكثر من 90 يومًا أو إعلان إفلاس العميل).
  • هنا يُعامل البنك القرض كـ دين مشكوك فيه ويحسب خسائر الائتمان على كامل العمر (مثل النظام التقليدي قبل IFRS 9).
  • مثال: نفس القرض (50,000 جنيه) أصبح متعثرًا بالكامل، والضمانات تغطي فقط 20,000 جنيه.
    • الخسارة = 30,000 جنيه → مخصص كامل = 30,000 جنيه.

أهمية IFRS 9 في المخصصات البنكية

  • يجعل البنوك أكثر استعدادًا لمواجهة التعثر.
  • يعزز مبدأ الحيطة والحذر.
  • يمنع تضخيم الأرباح الزائفة.
  • يزيد ثقة المودعين والمستثمرين في القطاع المصرفي.

4) تصنيفات الجدارة الائتمانية لدى البنك المركزي المصري (2005)

في عام 2005، كان البنك المركزي المصري يتبنى نظامًا رقابيًا صارمًا لتصنيف القروض والتسهيلات الائتمانية بهدف ضمان تكوين مخصصات كافية تغطي مخاطر التعثر المحتملة. هذا النظام اعتمد على 4 درجات رئيسية (ديون جيدة، ومتابعة عادية، ومتابعة خاصة، وغير منتظمة) وعشر درجات تفصيلية، وكل درجة مرتبطة بنسبة مخصص إلزامية، بصرف النظر عن الضمانات المقدمة.

الجدارة الائتمانية وتصنيفات البنك المركزي المصري

الجدارة الائتمانية هي قدرة العميل (فرد أو مؤسسة) على الوفاء بالتزاماته المالية في مواعيدها. البنك المركزي المصري أولى هذا الموضوع أهمية كبرى، لأنه يمثل حجر الزاوية في إدارة المخاطر الائتمانية وحماية أموال المودعين وضمان استقرار الجهاز المصرفي.

إطار التقييم

ألزم البنك المركزي البنوك بأن يكون لكل بنك نظام داخلي معتمد من مجلس الإدارة لتصنيف العملاء، يعتمد على أسس كمية (تحليل القوائم المالية، التدفقات النقدية، هيكل التمويل) وأخرى نوعية (جودة الإدارة، الموقف القانوني، طبيعة الصناعة، الضمانات). كما شدد على ضرورة مراجعة هذا التصنيف بشكل دوري على الأقل مرة واحدة سنويًا أو عند ظهور مؤشرات سلبية تستدعي إعادة النظر.

التصنيفات الائتمانية

حدد البنك المركزي المصري عشر درجات للجدارة الائتمانية، تبدأ من العميل الممتاز منخفض المخاطر وحتى العميل الرديء أو الهالك. ولكل درجة نسبة مخصص إلزامية يجب على البنك تكوينها لمقابلة احتمالية الخسارة، وذلك بصرف النظر عن وجود ضمانات كافية.

الدرجةالوصفنسبة المخصص الإلزامي
1منخفضة المخاطر (Low Risk)0%
2معتدلة المخاطر (Moderate Risk)1%
3مرضية (Satisfactory)1%
4مناسبة (Adequate)2%
5مقبولة (Acceptable)2%
6مقبولة حدياً (Marginally Acceptable)3%
7قائمة متابعة (Watch List)5%
8دون المستوى (Substandard)20%
9مشكوك في تحصيلها (Doubtful)50%
10رديئة/هالكة (Loss)100%

فلسفة البنك المركزي

  • التحوط (Conservatism): حتى في أفضل درجات العملاء، لا يخلو الأمر من نسب مخصصات صغيرة (1–2%) تحسبًا لأي مخاطر غير متوقعة.
  • التدرج: وجود مستويات متعددة من “الجيد” قبل الانتقال إلى “الضعيف”، لتشجيع البنوك على التدقيق وعدم القفز مباشرة من الجيد إلى الرديء.
  • الشفافية: إلزام جميع البنوك بنفس النِسَب يمنع التلاعب ويُظهر المركز المالي بشكل أكثر واقعية.
  • حماية النظام المصرفي: تكوين المخصصات يعزز قدرة البنوك على امتصاص الخسائر دون التأثير على أموال المودعين.

أمثلة عملية

  • دين منخفض المخاطر: شركة مقيدة بالبورصة، تحقق أرباحًا مستقرة، ولها تدفقات نقدية قوية → مخصص = 0%.
  • دين مقبول حدياً: شركة صغيرة تواجه تقلبات في السيولة أو ضعف في الإدارة → مخصص = 3%.
  • دين مشكوك في تحصيله: تاجر متوقف عن السداد لأكثر من 180 يومًا مع دعاوى قضائية مفتوحة → مخصص = 50%.
  • دين رديء: شركة أعلنت إفلاسها ولا توجد ضمانات كافية → مخصص = 100%.

🔹 بهذا الشكل، يظهر أن البنك المركزي المصري لم يكتفِ فقط بفرض نسب جامدة، بل وضع إطارًا متكاملًا يربط بين التقييم النوعي والكمّي وبين المخصصات الإلزامية، بما يضمن توحيد الممارسات وتعزيز الاستقرار المالي.


5) طريقة عمل البنوك في المخصصات

المخصصات والجدارة الائتمانية في البنوك
تكوين المخصصات في البنوك يعتمد على الجدارة الائتمانية للعميل

تكوين المخصصات في البنوك عملية معقدة ودقيقة، تتطلب تكاملًا بين الجوانب المحاسبية والرقابية والمخاطر، وتشمل المراحل التالية:

1. تصنيف الأصول وتحديد المرحلة (Staging)

  • تبدأ البنوك بتصنيف جميع الأصول الائتمانية (قروض، تسهيلات، أوراق مالية دائنة…) وفقًا لمعيار IFRS 9.
  • يتم تحديد المرحلة (Stage 1 أو 2 أو 3) بناءً على مدى تدهور المخاطر:
    • Stage 1: أصل سليم، مخاطر منخفضة.
    • Stage 2: زيادة جوهرية في المخاطر لكن بدون تعثر.
    • Stage 3: تعثر فعلي (Non-Performing Loan).
  • هذا التصنيف ليس ثابتًا؛ بل يُعاد تقييمه في كل دورة مراجعة أو عند ظهور مؤشرات جديدة (Early Warning Signals).

2. تطبيق نماذج ECL (PD/LGD/EAD)

  • البنوك تستخدم معادلة ECL = PD × LGD × EAD ×DF لتقدير الخسائر:
    • PD (احتمالية التعثر): مستمدة من بيانات تاريخية وسجلات ائتمانية داخلية وخارجية.
    • LGD (الخسارة عند التعثر): تُحسب بعد خصم قيمة الضمانات القابلة للتحصيل.
    • EAD (التعرض عند التعثر): هو الرصيد القائم وقت التعثر مضافًا إليه الفوائد المستحقة.
    • DF (معامل الخصم) لاحتساب القيمة الحالية للخسائر المتوقعة.
  • البيانات المستخدمة ليست تاريخية فقط، بل أيضًا مستقبلية (Forward-looking) مثل توقعات الاقتصاد الكلي (النمو، البطالة، التضخم، أسعار الفائدة).
  • يتم إجراء اختبارات ضغط (Stress Testing) على السيناريوهات الاقتصادية للتأكد من مرونة النماذج.

3. الحوكمة الداخلية (Governance)

  • إدارة المخاطر: تضع السياسات وتطور النماذج.
  • الإدارة المالية (Finance): تنعكس التقديرات في القوائم المالية والمخصصات.
  • إدارة تكنولوجيا المعلومات (IT): توفر أنظمة لجمع البيانات وتحليلها.
  • المراجعة الداخلية: تراجع صحة تطبيق السياسات والالتزام بالمعايير.
  • اللجان المختصة (لجنة المخاطر – لجنة المراجعة – لجنة الائتمان): تتابع النتائج وتعتمدها قبل رفعها للإدارة العليا.
  • يضمن هذا التنسيق أن تكون عملية تكوين المخصصات شفافة ودقيقة وخالية من تضارب المصالح.

4. الالتزام الرقابي (Regulatory Compliance)

  • البنك المركزي المصري يتابع عن كثب مدى التزام البنوك بمعايير IFRS 9.
  • يشمل ذلك:
    • مراجعة تقارير البنوك الدورية حول المخصصات.
    • إلزام المراجعين الخارجيين بالتحقق من صحة النماذج وحسابات الخسائر.
    • فرض تكوين مخصصات رقابية إضافية إذا وجد البنك المركزي أن المخصصات المحاسبية غير كافية.
  • كما يصدر البنك المركزي تعليمات تفسيرية (مثل خطاب 26 فبراير 2019) لتوضيح كيفية التطبيق العملي وتوحيد الممارسات بين البنوك.

الخلاصة

طريقة عمل البنوك في المخصصات هي عملية مترابطة تبدأ من التصنيف الدقيق للأصول، مرورًا بتطبيق نماذج كمية متقدمة، وانتهاءً بالرقابة الداخلية والخارجية. أي خلل في هذه السلسلة قد يؤدي إلى إظهار مركز مالي مضلل أو تعريض البنك لمخاطر نظامية نتيجة تعثر عملائه، ولهذا السبب تعتبر المخصصات قلب الرقابة المصرفية الحديثة.


6) تطور عمل البنوك في المخصصات (مصر 2005 → 2025)

أولًا: مرحلة ما قبل IFRS 9 (2005 وما قبلها)

  • كان البنك المركزي المصري يعتمد على تعليمات واضحة ومبسطة:
    • تصنيف القروض إلى درجات الجدارة الائتمانية (من “جيدة” حتى “رديئة”).
    • ربط كل درجة بنسبة مخصص ثابتة (0% – 100%).
  • كان الهدف هو توحيد الممارسات بين البنوك والحد من التقديرات الذاتية للإدارات الائتمانية.
  • إذا كان المخصص الرقابي المطلوب من البنك المركزي أكبر من المخصص المحاسبي وفق المعايير الدولية (IAS 37 في ذلك الوقت)، فإن الفرق لا يذهب لقائمة الدخل، بل يُرحَّل إلى احتياطي مخاطر عام خصما على الأرباح المحتجزة ضمن حقوق الملكية.
  • هذه المرحلة اعتمدت على الخسائر المتحققة (Incurred Losses)، أي أن المخصص لا يُكوّن إلا إذا وُجدت مؤشرات فعلية على التعثر.

ثانيًا: مرحلة الانتقال إلى IFRS 9 (2019)

  • مع دخول IFRS 9 حيز التطبيق عالميًا في يناير 2018، ألزم البنك المركزي المصري البنوك المحلية وفروع البنوك الأجنبية بتطبيقه ابتداءً من 1 يناير 2019 (أو 1 يوليو لبعض البنوك ذات السنة المالية المختلفة)، وذلك بكتاب دوري بتاريخ 26 فبراير 2019.
  • أهم التغييرات:
    1. التحول من الخسائر المتحققة إلى الخسائر المتوقعة (Expected Credit Loss – ECL).
    2. إدخال المراحل الثلاث (Stage 1–2–3)، بحيث يتم الاعتراف بالخسائر حتى للقروض السليمة (Stage 1).
    3. دمج الاحتياطيات السابقة في إطار موحَّد هو احتياطي مخاطر عام.
    4. إلزام البنوك ببناء نماذج كمية تستند إلى PD وLGD وEAD، مع إدخال بيانات مستقبلية (Forward-looking).
  • التحدي الأكبر للبنوك المصرية كان تجهيز البيانات التاريخية والنظم التكنولوجية لبناء هذه النماذج، إضافة إلى الحاجة لتأهيل الكوادر البشرية.

ثالثًا: مرحلة التطبيق المتقدم (2025-حاليا)

  • بحلول 2025، أصبحت البنوك المصرية أكثر نضجًا في تطبيق IFRS 9، وأصبحت التحديات التقنية أقل، لكن التركيز تحوّل إلى:
    1. جودة البيانات: فالمخصصات تعتمد بشكل مباشر على دقة بيانات العملاء، الضمانات، وسلوك السداد.
    2. حوكمة النماذج: لم يعد يكفي بناء نموذج ECL، بل يجب اختبار صلاحيته دوريًا (Model Validation) واعتماده من لجان المخاطر والمراجعة.
    3. الرقابة الداخلية والخارجية: المراجعة الداخلية بالبنوك والمراجعين الخارجيين أصبحوا مطالبين بمراجعة منهجيات احتساب ECL والإفصاح عنها.
    4. المواءمة بين الرقابة والمحاسبة: إذا كان المخصص الرقابي أعلى من المخصص المحاسبي (IFRS 9)، يتم ترحيل الفارق إلى الاحتياطيات كما في السابق، مع الإفصاح الكامل.
  • هذه المرحلة تواكب الاتجاه العالمي بعد الأزمات (مثل كوفيد-19)، حيث باتت الجهات الرقابية والبنوك المركزية أكثر تشددًا في تقييم المخاطر المستقبلية والاعتماد على السيناريوهات الاقتصادية.

الخلاصة

  • 2008: نظام رقابي يعتمد على جداول ونِسَب جاهزة، موجه بالأساس لحماية القطاع من التعثر الواضح.
  • 2019: نقطة تحول تاريخية مع إدخال IFRS 9، حيث أصبح المخصص تحوطيًا واستباقيًا.
  • 2025 – حاليا: نضج التجربة المصرية، مع تركيز على جودة البيانات والحوكمة والتدقيق المستمر للنماذج.

هذا التطور يعكس رحلة البنوك المصرية من التقدير البسيط الثابت إلى النماذج الكمية المتقدمة، بما يضمن استقرار النظام المصرفي وحماية المودعين والمستثمرين.


7) «إعدام الدين» في البنوك

المعنى المحاسبي (Write-off)

  • إعدام الدين محاسبيًا يعني شطب الرصيد من الدفاتر بعد استنفاد جميع محاولات التحصيل، بما في ذلك تسييل الضمانات ورفع الدعاوى.
  • إذا كان الدين مغطّى بمخصص، فإن الإعدام لا يولّد خسارة إضافية؛ بل مجرد تسوية بين المخصص وحساب العميل.
  • الهدف من ذلك هو تقديم قوائم مالية واقعية لا تتضمن أصولًا وهمية أو ديونًا غير قابلة للتحصيل.

مثال: عميل مدين بـ 100,000 جنيه، وتم تكوين مخصص بكامل القيمة. عند الإعدام:

من ح/ مخصص ديون معدومة       100,000

   إلى ح/ العملاء (المدينون)       100,000

هنا لا يتأثر الربح أو الخسارة، لأن المخصص سبق الاعتراف به.

المعنى القانوني (في ضوء القانون المدني والتجاري المصري)

  • الإعدام المحاسبي لا يعني سقوط الدين أو إبراء ذمة العميل.
  • الدين يبقى قائمًا في ذمة المدين، وللبنك كامل الحق في المطالبة به قانونًا، حتى لو شُطب محاسبيًا.
  • سقوط الدين (التقادم) يخضع لأحكام القانون المدني والتجاري:
    • الأصل العام: الديون التجارية تسقط بالتقادم بعد 7 سنوات من تاريخ الاستحقاق (وفقًا للمادة 68 من قانون التجارة المصري رقم 17 لسنة 1999) ما لم يقطع هذه الفترة مطالبة بالدين عن طريق القضاء.
    • الديون المدنية: تسقط بعد 15 سنة وفقًا للمادة 374 من القانون المدني المصري، ما لم يرد نص خاص بمدة أقصر.
  • بالتالي، إذا كان الدين ناتجًا عن معاملة مصرفية تجارية (قرض/تسهيل ائتماني)، فإن للبنك حق المطالبة به لمدة 7 سنوات من تاريخ الاستحقاق، ما لم تنقطع هذه المدة بإجراء قضائي (كرفع دعوى أو إنذار رسمي).
  • في حالة الديون المدنية (بين أفراد أو غير متعلقة بالتجارة)، قد يمتد الحق في المطالبة حتى 15 عامًا.

الخلاصة

  • إعدام الدين محاسبيًا: مجرد شطب من الدفاتر، لا يعفي العميل.
  • سقوط الدين قانونيًا: لا يتم إلا بإبراء صريح من البنك أو حكم قضائي أو بالتقادم بعد المدة المقررة (7 سنوات للديون التجارية – 15 سنة للمدنية) ما لم يقطع هذا التقادم مطالبة بالدين عن طريق القنوات الرسمية.
  • لذلك يظل البنك محتفظًا بحقه في المطالبة بالدين أمام القضاء حتى بعد شطبه محاسبيًا.

8) IAS و IASC و IASB و IFRS: المفاهيم والتعريفات

1. IASC – اللجنة الدولية لمعايير المحاسبة

  • تأسست اللجنة الدولية لمعايير المحاسبة (International Accounting Standards Committee – IASC) سنة 1973 بمشاركة منظمات مهنية للمحاسبة من عدة دول.
  • كانت مهمتها الأساسية وضع معايير محاسبية دولية موحَّدة تُعرف بـ IAS لمواجهة الاختلاف الكبير في الممارسات المحاسبية بين الدول.
  • خلال الفترة من 1973 حتى 2001، أصدرت IASC ما يزيد عن 40 معيارًا محاسبيًا دوليًا.

2. IAS – المعايير المحاسبية الدولية

  • هي المعايير الصادرة عن IASC قبل 2001.
  • ما زال عدد منها معمولًا به حتى الآن، بعد تحديثه أو تعديله، مثل:
    • IAS 37: المخصصات، الالتزامات المحتملة، والأصول المحتملة، وهو المعيار المرجعي المباشر لموضوع المخصصات.
    • IAS 36: انخفاض قيمة الأصول.
    • IAS 19: منافع الموظفين.
  • IAS 37 بالذات وضع الإطار النظري للمخصصات: متى تُعترف، وكيف تُقاس، ومتى تُلغى.

3. IASB – مجلس معايير المحاسبة الدولية

  • في عام 2001، أُنشئت مؤسسة جديدة هي مجلس معايير المحاسبة الدولية (International Accounting Standards Board – IASB) لتكون أكثر استقلالية واحترافية من IASC.
  • IASB أصبح الجهة المسؤولة عن إصدار وتطوير المعايير الدولية الجديدة.
  • المجلس يتكون من خبراء دوليين في المحاسبة والتدقيق والاقتصاد والمالية، ويعمل بشفافية عبر نشر مسودات للمعايير لأخذ آراء المهنيين والمستخدمين قبل إصدارها.

4. IFRS – المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية

  • منذ 2001، بدأ IASB في إصدار معايير جديدة تحت اسم المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية (International Financial Reporting Standards – IFRS).
  • تدريجيًا، حلت IFRS محل IAS، لكن بعض معايير IAS ما زالت سارية (مثل IAS 37) لأنها لم تُستبدل بمعيار IFRS جديد بعد.
  • أهم ما يميز IFRS:
    • التركيز على المبدأ الاقتصادي للصفقة (Substance over form) أكثر من الشكل القانوني.
    • الاعتماد على التقديرات المستقبلية (Forward-looking) والشفافية في الإفصاح.
    • جعل القوائم المالية أداة للمستثمرين لفهم المخاطر الحقيقية.

5. IFRS والمخصصات في البنوك (معيار IFRS 9)

  • من أبرز معايير IFRS بالنسبة للبنوك هو IFRS 9: الأدوات المالية، الذي صدر عام 2014 وأصبح إلزاميًا ابتداءً من 2018.
  • IFRS 9 أحدث تحولًا جذريًا في طريقة تكوين المخصصات:
    • انتقل من نموذج الخسائر المتحققة (Incurred Loss Model) الذي كان محدودًا ومؤخَّرًا.
    • إلى نموذج الخسائر الائتمانية المتوقعة (Expected Credit Loss – ECL) الأكثر تحوّطًا.
  • أثر IFRS 9 لم يقتصر على البنوك فقط، بل امتد إلى جميع الكيانات التي لديها أصول مالية، مثل شركات التأمين والتمويل العقاري.

الخلاصة

  • IASC: وضع الأساس (1973).
  • IAS: المعايير الأولى (حتى 2001).
  • IASB: المجلس الحديث الذي تولى تطوير المعايير منذ 2001.
  • IFRS: الجيل الجديد من المعايير الذي يركز على المستقبل والمخاطر.
  • IAS 37 أعطى الإطار العام للمخصصات.
  • IFRS 9 نقله إلى مستوى أكثر دقة وتحوّطًا، خاصة للبنوك.

فضلا املأ البيانات التالية لنتمكن من التواصل معك